عكس ما يظنه البعض، لا تظهر جميع مشكلات القلب في سن مبكرة أو بأعراض واضحة يسهل ملاحظتها، فبعض العيوب الخَلقية لا تُكتشف إلا في مرحلة البلوغ أو بعدها، ومن أكثر هذه الحالات شيوعًا الثقب بين الأذينين، الذي قد يؤثر في الدورة الدموية وكفاءة القلب، ما يرفع احتمالية حدوث مضاعفات خطيرة إذا لم يُعالج.
واليوم، بفضل تطور جراحات القلب، لم يعد التدخل لعلاج هذه المشكلة يعني بالضرورة الخضوع لجراحة القلب المفتوح، فقد ظهرت تقنية غلق ثقب القلب بالمنظار.
في هذا المقال، نستعرض كل ما تحتاج معرفته عن عملية ثقب القلب، مع مقارنة عملية الغلق بالمنظار بجراحة القلب المفتوح، وذكر مميزاتها ونتائجها، إلى جانب بعض النصائح قبل إجرائها.
عملية ثقب القلب
تُعد عملية ثقب القلب إجراءًا طبيًا متقدمًا يهدف إلى علاج أحد أشهر العيوب الخلقية في القلب، وهو وجود فتحة غير طبيعية في الحاجز الفاصل بين الأذينين الأيمن والأيسر، والتي يُطلق عليها “الثقب الأذيني”.
وقد يتساءل الكثيرون: “متى يقفل ثقب القلب عند الأطفال؟”، هذه الفتحة قد تكون صغيرة وتغلق من تلقاء نفسها في الشهور الأولى من حياة الطفل، أو قد تبقى كبيرة وتسمح بمرور الدم من حجرة إلى أخرى، ما يؤدي إلى زيادة العبء على القلب والرئتين مع مرور الوقت، وفي حالة استمرار الفتحة أو ظهور أعراض واضحة، تصبح عملية غلق ثقب القلب خطوة ضرورية لتفادي المضاعفات المستقبلية.
تتنوع أساليب إجراء عملية ثقب القلب للكبار لتناسب كل حالة على حدة، إذ يمكن اللجوء إلى الجراحة التقليدية (القلب المفتوح) أو الاعتماد على تقنيات أقل تدخلًا، مثل القسطرة القلبية أو المنظار الجراحي.
دواعي إجراء عملية غلق ثقب القلب
تتوقف الحاجة إلى غلق الثقب الأذيني على عدة عوامل، أهمها حجم الفتحة، وكمية الدم المتسرب بين الأذينين، وعمر المريض، والأعراض المصاحبة، ففي حالة الثقوب الصغيرة التي لا تسبب أعراضًا قد يكتفي الطبيب بالمتابعة الدورية؛ إذ يمكن أن تُغلق تلقائيًا لدى بعض المرضى.
أما إذا كشف الفحص عن تضخم في القلب، أو ارتفاع في ضغط الشريان الرئوي، أو ظهرت أعراض، مثل ضيق التنفس عند بذل مجهود، وتسارع ضربات القلب، أو الإرهاق المزمن، فإن التدخل الطبي يصبح الخيار الأمثل.
ويساعد الخضوع للعملية في الوقت المناسب على الوقاية من مضاعفات خطيرة، منها:
- فشل عضلة القلب نتيجة الإجهاد المستمر.
- اضطرابات نظم القلب مثل الرجفان أو الرفرفة الأذينية.
- ارتفاع ضغط الشريان الرئوي إلى أن يصبح غير قابل للعلاج.
- زيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بسبب انتقال جلطات صغيرة عبر الثقب.
تقنيات إجراء عملية ثقب القلب للكبار
تتنوع أساليب عملية ثقب القلب لدى البالغين، ويُختار الإجراء الأنسب بناءً على حجم الثقب وموقعه، وحالة المريض العامة، وأي أمراض قلبية مصاحبة، ومن أهم هذه الأساليب:
الجراحة التقليدية (القلب المفتوح)
يُجرى هذا النوع من العمليات تحت التخدير الكلي، إذ يفتح الجراح الصدر إما من المنتصف عبر شق عظم القص، أو من أحد جانبي القفص الصدري، ويُوَصّل المريض بجهاز قلب صناعي للحفاظ على تدفق الدم والأكسجين في أثناء توقف القلب مؤقتًا.
وبعد تحديد موقع الثقب، يُغلق إما بالخياطة المباشرة أو باستخدام رقعة مأخوذة من نسيج المريض أو من مادة صناعية آمنة، وتتميز هذه الطريقة بفعاليتها العالية، خاصةً في الثقوب الكبيرة أو المعقدة، أو عندما يحتاج المريض إلى جراحة قلب أخرى مثل إصلاح صمام.
الغلق بالقسطرة القلبية
تُعد القسطرة خيارًا شائعًا لمرضى الثقوب الصغيرة أو المتوسطة الذين لا يعانون مشاكل قلبية أخرى معقدة، ويُدخَل أنبوب رفيع عبر الوريد الفخذي ويُوَجّه إلى القلب باستخدام الأشعة السينية مع الموجات فوق الصوتية عبر المريء.
وفي نهاية القسطرة يوجد جهاز صغير يشبه المظلة، يُفتح داخل الثقب ليغلقه تمامًا، ثم ينمو حوله نسيج القلب ليصبح جزءًا من الحاجز دائمًا، ومن مزايا هذه التقنية أنها لا تتطلب شقًا جراحيًا كبيرًا، أما عيبها الرئيسي فهو محدودية استخدامها في الثقوب الكبيرة أو الحالات المعقدة.
الغلق بالمنظار الجراحي
يجمع هذا الأسلوب بين دقة الجراحة التقليدية وميزة التدخل المحدود، ويُجرى عبر شق صغير في جانب الصدر، يُدخل من خلاله منظار مزود بكاميرا وأدوات دقيقة لتحديد الثقب وإغلاقه بالخياطة، وتتميز هذه التقنية بمميزات كثيرة نذكرها في الفقرة التالية.
مميزات عملية ثقب القلب بالمنظار
تصل نسبة نجاح عملية ثقب القلب بالمنظار إلى معدلات عالية جدًا عند التشخيص المبكر، إذ تُعد من الخيارات المتقدمة التي يفضلها الأطباء والمرضى على حدٍّ سواء؛ لما توفره من مزايا مقارنةً بالجراحة التقليدية أو القسطرة، وفيما يلي أهم هذه المميزات:
- تدخل جراحي محدود، إذ تُجرى عبر شقوق صغيرة في جدار الصدر بدلًا من شق عظم القص بالكامل، ما يحدّ من إصابة الأنسجة ويسرع الالتئام.
- ندبات غير ملحوظة ومظهر تجميلي أفضل، بفضل حجم الشقوق الصغير، وهو عامل مهم خاصةً للشباب والنساء.
- ألم أقل بعد العملية، إذ يحدّ صغر الشقوق من الضرر على العضلات والأنسجة.
- تعافٍ أسرع وعودة مبكرة للحياة الطبيعية، فغالبًا ما يعود المريض إلى أنشطته اليومية خلال أسبوعين إلى ثلاثة، مقارنةً بستة أسابيع أو أكثر في الجراحة المفتوحة.
- انخفاض خطر العدوى والمضاعفات، مما يجعله خيارًا آمنًا لمرضى المناعة الضعيفة أو الأمراض المزمنة.
- رؤية جراحية دقيقة، إذ توفر كاميرا المنظار صورة مكبرة وواضحة لموضع الثقب وبنية القلب، ما يعزز دقة الإجراء ونجاحه.
- مناسب لفئات خاصة من المرضى الذين لا يتحملون مضاعفات الجراحة المفتوحة، مثل كبار السن أو المصابين بأمراض مزمنة.
نصائح قبل إجراء عملية ثقب القلب
قبل الخضوع لعملية غلق ثقب القلب، من المهم اتباع مجموعة من الإرشادات لضمان نجاح العملية والحدّ من أي مخاطر محتملة، وتشمل هذه الإرشادات:
- اختيار طبيبًا يمتلك خبرة واسعة في جراحات القلب، خاصةً عمليات المنظار، مع سجل نجاحات مثبت وتقييمات جيدة من المرضى.
- الخضوع للفحوصات الطبية الشاملة، مثل الإيكو القلبي، ورسم القلب، وفحوصات الدم، للتأكد من جاهزيتك للعملية.
- مراجعة التاريخ الطبي، وإبلاغ الطبيب بأي أمراض مزمنة، أو عمليات سابقة، أو أدوية تتناولها، خاصةً أدوية سيولة الدم.
- التوقف عن بعض الأدوية، فقد يُطلب منك إيقاف أدوية معينة قبل العملية للحدّ من مخاطر النزيف.
- الامتناع عن الطعام والشراب قبل العملية، عادةً لمدة 6 إلى 8 ساعات إذا كانت العملية تحت التخدير الكلي.
- اتباع نمط حياة صحي قبل العملية، والحفاظ على نشاط معتدل لتحسين صحة القلب.
- الدعم النفسي والاستعداد الذهني، للتخفيف من القلق.
- ترتيب فترة التعافي، وتجهيز شخص مرافق للمساعدة خلال الأيام الأولى بعد العملية.
من أفضل دكتور لإجراء عملية ثقب القلب؟
عند اختيار الطبيب المناسب لإجراء عملية ثقب القلب، تبقى الخبرة العملية، والكفاءة العلمية، واستخدام أحدث التقنيات عوامل أساسية لضمان نجاح الإجراء وسلامة المريض، ويُعد الأستاذ الدكتور أحمد حلمي -أستاذ جراحة القلب والصدر بكلية الطب جامعة عين شمس- من أبرز الأسماء في هذا المجال في مصر والشرق الأوسط.
يملك الدكتور أحمد خبرة واسعة في إجراء مئات العمليات الناجحة لغلق ثقب القلب بالمنظار، بالإضافة إلى القسطرة والجراحة التقليدية، مع معدلات نجاح مرتفعة ونسبة مضاعفات منخفضة للغاية، وتشمل خبراته العمل في كبرى المستشفيات الجامعية المصرية، إلى جانب خبرات دولية مثل عمله في مدينة الملك الطبية بالرياض، كما يشارك في التدريس والأبحاث الأكاديمية في مجال جراحة القلب والصدر.
يعتمد الدكتور أحمد حلمي على أحدث المناظير والتقنيات الجراحية التي تتيح أقل تدخل ممكن، وفترة تعافٍ أقصر، ونتائج تجميلية أفضل، إلى جانب أنّه يوفّر رعاية متكاملة للمريض بدءًا من التشخيص الدقيق، مرورًا بالتحضير قبل العملية، وحتى المتابعة المستمرة لضمان أفضل النتائج وحماية القلب على المدى البعيد.
ختامًا ..
تُعد عملية ثقب القلب، خاصةً بالمنظار، من الإجراءات المتقدمة التي تمنح المريض فرصة لاستعادة صحته ونشاطه مع أقل قدر من التدخل الجراحي، ويعتمد نجاحها على التشخيص المبكر، والتحضير الجيد، والالتزام بالتعليمات بعد العملية، وقبل كل شيء على اختيار جراح متمرس يمتلك خبرة واسعة في هذا النوع من التدخلات الدقيقة.
وبفضل التطور الطبي، أصبحت عملية غلق ثقب القلب بالمنظار للكبار خيارًا آمنًا وفعالًا، يختصر وقت التعافي ويحدّ من المضاعفات مقارنةً بالجراحة التقليدية، وإذا كنت تفكر في الخضوع للعملية، فلا تتردد في التواصل وحجز استشارتك مع الأستاذ الدكتور أحمد حلمي، أستاذ جراحة القلب والصدر بكلية الطب جامعة عين شمس.
0 Comments